هلا وغلا بالكل
إليك بعض الطرق التى تساعدك على غرس السلوك الطيب فى طفلك.
كمدرسة لسنةأولى حضانة، يتطلب عملى منى التركيز على التربية وتحسين سلوك الطفل. إن تعاملى مع 26 طفل يومياً علمنى الصبر كما علمنى الكثير من الأساليب لبث السلوك الطيب فىالطفل. عادةً ما يدلل الآباء أطفالهم فى سنوات عمرهم الأولى، لكن لا يجب أن ينسواغرس الأخلاق الطيبة فيهم لأن إهمال هذا الجانب فى السن الصغير قد يتسبب فى مشاكلللطفل بعد ذلك.
إن الأخلاق هى مجموعة من القواعد تنظم سلوك الإنسان، وهىضرورية للنمو الصحى للطفل لأن الأخلاق تمنح الإنسان التحكم فى النفس وكذلك تساعدهعلى تهذيب طبيعته المندفعة. إن الأخلاق تدفع الطفل إلى حسن التصرف عند القيامبالأنشطة المختلفة مثل الحديث، الأكل، والتعامل مع الآخرين. هذه القواعد تجعلالحياة أسهل للأطفال أثناء محاولتهم بناء مهارات بدنية واجتماعية مختلفة، بدءاً منالاشتراك فى الأنشطة الرياضية إلى القدرة على تكوين أصدقاء.
كيف توجهين سلوكطفلك؟ أولاً، من المهم أن تعرفى أن كل طفل يختلف عن الآخر فلكل طفل إمكانياتهوسرعته فى التعلم، حتى أن الطفل الواحد قد يختلف رد فعله لنفس الموضوع من يوم إلىآخر تبعاً لحالته النفسية. بعض الأطفال يستوعبون القواعد الأخلاقية بسهولة ويتمسكونبها، بينما قد يستغرق ذلك بعض الوقت من أطفال آخرين. حتى التوائم يكون لكل منهمشخصيته المتفردة، ففى الفصل الذى أدرس له، لاحظت أخوين توأمين يخطف أحدهما ويشد،بينما يستمتع الآخر طوال الوقت بقول "من فضلك"، و"لو سمحت".
من الأساليبالتى تساعد على توجيه سلوك الطفل هى أن يكون لديك الاستعداد لأن تشرحى لطفلك لماذاتريدينه أن يكون مهذباً. فكلما كبر طفلك وأصبح أكثر وعياً، تكون عبارة: "لأننى قلتهذا،" مبرراً ضعيفاً جداً لإقناعه بما تطلبينه منه. أن يفعل الطفل ما تطلبه أمه فقطلأنها تقول ذلك لا يصبح مبرراً كافياً له لأنه ليس سبباً. بدلاً من ذلك، حاولى أنتعرفى أطفالك أنهم عندما يكونون مهذبين، فإنك تفخرين بهم، وصدقينى كم ستكون النتيجةطيبة، فالأطفال يحتاجون للاقتناع بأن السلوك الجيد سينال التقدير.
إن جزء منمسئوليتنا ككبار هو أن نعلم أطفالنا كيف يطلبون الأشياء بأسلوب مهذب. يمكننا أننفعل ذلك بأن نطلب دائماً من الطفل أن يقول "لو سمحت"، و"شكراً". إذا نسى طفلك وقال "أنا عايز" دون استخدام "لو سمحت"، لا تعاقبيه أو تعنفيه ولكن ببساطة لا تستجيبىلما يريد. رفضت ذات مرة طلب طفلة عندى فى الفصل بأن تشرب، فتساءلت "لكن لماذا؟" فسألتها: "لماذا تظنين أنى أرفض؟" فتذكرت سريعاً وقالت "لو سمحت"، فقلت لها "شكراً،يمكنك الآن أن تشربى." لقد حصلت على ما أرادت وتلقت مدحى أيضاً. من المهم أن يشعرالطفل أنه سينال القبول والتقدير إذا كان مهذباً فى كل ما يقوله ويفعله. تقول إحدىزميلاتى لتلاميذها: "إن الأخلاق الطيبة صديق لا نراه يجعل أفراد أسرتنا وأصدقاءنايفخرون بنا."
بالرغم من ذلك يجب أن نكون واقعيين فى توقعاتنا لأنه منالطبيعى أن ينسى الأطفال أحياناً أسلوبهم المهذب، وعلينا أن نذكرهم به يومياً. إنالعمل مع الأطفال علمنى أهمية التكرار مع الطفل حتى يلتصق بذهنه ما أحاول أن أعلمهإياه. "كيف تطلب ما تريد بطريقة مهذبة؟" أو "ماذا نسيت أن تقول؟" هما أسلوبانلتذكرة الطفل قول "لو سمحت" على سبيل المثال. تكرار نفس الكلام كأم أو أب قد يبعثعلى الملل أو الغضب أحياناً خاصة إذا كان طفلكما لا يستجيب لتوجيهاتكما، لكن الصبرصفة هامة جداً لابد وأن يتصف بها الأبوين عندما يرغبان فى توجيه سلوك أطفالهما،فحاولا ألا تعطيا للطفل انطباعاً بأنكما قد تعبتما من توجيهه للسلوك الجيد.
امدحى طفلك دائماً عندما يتصرف بطريقة مهذبة أو عندما يقوم بمجهود لنيلرضائك. إذا نسى السلوك السليم، حاولى البقاء هادئة وتحدثى معه على انفراد. صرختإحدى الأمهات فى طفلها ذات مرة أثناء اجتماع فى المدرسة قائلة: "كم مرة قلت لك ألاتضايق أحداً؟" أياً كانت الأسباب، فلا تجرحى طفلك أمام الآخرين سواء غرباء، مدرسين،أو حتى جده أو جدته. إن إهانة الطفل أمام الآخرين يجعل الطفل يشعر بالأسف على نفسهوهو ما قد ينمى فيه العنف ويجعله أكثر عنداً، فهذا الأسلوب تجاه الطفل هو العدوالأول عند تعليم الطفل السلوك الجيد.
وأخيراً، أنت أهم مصدر لتعليم طفلك. إذا كنت تتكلمين وتتصرفين بطريقة مهذبة مع كل الناس بما فيهم طفلك، سيقلدك طفلك،فأنت أفضل قدوة له.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-:
"القلوب الصادقة والأدعية الصالحة هي العسكر الذي لا يغلب".
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
[ من قرأَ القرآن لم يُرَدَّ إلى أرذل العمر ، وذلك قوله تعالى : { ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا }
قال : إلا الذين قرؤوا القرآن].
رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد وصححه الألباني في " صحيح الترغيب والترهيب ".
تحياتي